كشف إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، عن ما أسماه “تمهيش البرلمان” لتقارير قضاة المجلس الحساسة، موضحا أن ” المجلس ينجز بين 40 و50 تقريرا كل سنة و250 مهمة على مستوى المجالس الجهوية للحسابات”، و أن “فيها ما يكفي وهي تقارير جد مهمة للاقتصاد الوطني”، قبل أن تقابل بنوع من اللامبالاة داخل البرلمان.
وشدد جطو ،على أن هذه التقارير مهمة وأساسية بالنسبة للمغرب واقتصاده، لكن لا يكترث بها أحد أو يشتغل عليها بما في ذلك مجلس النواب ولجانه، موضحا ” أن المجلس في السنة الماضية اشتغل على 50 تقريرا مهما لكنها مرت مرور الكرام دون أن يبالي بها أحد، إضافة إلى التقارير التي تنجز على مستوى المجالس الجهوية للحسابات والتي تقارب 250 تقريرا.
وأشار جطو، إلى أن قضاة المجلس يشتغلون على عدد من الملفات، تنضاف إليها طلبات البرلمان الذي يرسل عددا كبيرا منها، وقد اختار من بينها المجلس 4 ملفات، وهذه الأخيرة تتطلب 10 أو 12 قاضيا، وينبغي انتظار انتهاء القضاة من مهامهم لتكليفهم بأخرى جديدة، موضحا أن العديد من المعلومات التي يطلبها البرلمان من المجلس، لا تكون متوفرة في الإدارات المعنية، ما يتطلب مراسلة الإدارة ثم انتظار الرد وتقديم مهلة إضافية، وغيرها من الإجراءات المتعلقة بمسطرة المجلس التي يحددها القانون، ما يجعل كل مهمة تستغرق ما بين ثمانية وتسعة أشهر، في حال باشر المجلس العمل فيها.
وفجر اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، جدال تقارير مجلس جطو، وغياب التجاوب البرلماني مع مجموعة من التقارير الاقتصادية، التي تظل حبيسة رفوف المجلس دون متابعة أو مناقشة أو اتخاذ قرارات ، حيث أوضح جطو “أن السنة الماضية تم العمل على خمسين تقريرا، وبعضها أكثر أهمية من التقارير التي نشتغل عليها اليوم، حيث تم المرور عليها مرور الكرام، دون أن يبالي بها أحد”، مشددا “نحاول البحث عن أسلوب ليشتغل البرلمان على عمل المجلس، ويؤكد لنا أن ما نقوم به يؤخذ بعين الاعتبار، وهو أمر نحتاج العمل عليه مستقبلا”.
وعرض جطو تقريرا جديدا خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، حول تقييم برنامج مدن بدون صفيح، منذ 2008 إلى 2018، حمل مجموعة من الملاحظات حول عدد من الاختلالات و التلاعبات بالأحياء الصفيحية.
وكشف التقرير أن “الإقامة في هذه الأحياء تشكل فرصة للاستفادة من السكن، إذ إن مجموعة من المواطنين يترقبون الفرص للاستفادة من بقع إعادة الإيواء، التي تفوق قيمتها السوقية بكثير ما يطلب من المستفيدين”، مضيفا أن “سبب السكن في هذه الأحياء يكون للبحث عن سومة قليلة للكراء بالاستعانة بدور الصفيح”.
وأضحت المعطيات المجلس، أن 78 في المائة من المستفيدين هم الملاك الأصليون للمساكن، سواء الشقق أو البقع، مبرزا أن الحاجة إلى الأموال تدفع المستفيدين إلى بيع البقع بنسبة 61 في المائة، مع الإشارة إلى تقاسم الإرث، وكذلك ضعف المرافق الأساسية أو النزاعات العائلية.
ونبه المجلس إلى أن المعدل الوطني للانزلاق، وهو مؤشر يقيس الفرق بين السكان المستفيدين والمستهدفين، يكشف حياد 19 في المائة عن الاستفادة من المشروع، موضحا أنه يتم بيع ربع البقع، حيث يتم نقل دور الصفيح إلى البقع وإعادة بيعها.
وبخصوص البناء الذاتي عبر توفير البرنامج للبقع للمستفيدين، يرى المجلس أن هذه العملية تطرح مشاكل وصعوبات، مشددا على الفشل في تحقيق أهداف إعادة الهيكلة، التي تتم مباشرة للأحياء الصفيحية، بالإضافة إلى ثغرات ما بعد الترحيل.
و سجل تقرير المجلس أن “النتائج إلى حدود نهاية 2018 تؤكد أن البرنامج مازال ساري المفعول”، موضحا أنه “شمل 472 ألف أسرة في 85 مدينة أو مركز حضري عوض 270 ألف أسرة سنة 2004″، في وقت كان يهدف البرنامج إلى القضاء على مدن الصفيح سنة 2010، عبر اعتماد ثلاث آليات للتمويل، منها الأسر وصندوق خاص، بالإضافة إلى المكاسب المتأتية من منتجات الموازنة.
ونبه المجلس إلى كون عدد الأسر الفعلية المستفيدة في ارتفاع، لكن دور الصفيح في المقابل في تزايد مستمر، وهذا الأمر سيتواصل رغم المجهودات التي بذلتها الدولة، مشيرا إلى أن من بين الأسباب الهجرة القروية، كما أن عدد من المواطنين يفضلون السكن الصفيحي لتحسين الموارد المالية رغم الظروف غير الطبيعية.
و اعتبر جطو، أن أهداف المشروع طموحة، إلا أنه يصعب تطبيقه نظرا لتعقد الظاهرة، مشيرا إلى أن دور الصفيح يصعب استئصالها، وإلى أن تحسين ظروف الأسر الفقيرة بناء على توفير السكن فقط يتبين أنه نهج غير متكامل وغير صحيح، حيث أكد جطو، أنه يتم تحويل بعض مناطق الإيواء إلى أحياء صفيحية جديدة، مع ما يرافق ذلك من بطء في تجهيز المرافق المتعلقة بهذه الأحياء، موضحا أن “إعادة الهيكلة تشتغل على ما هو موجود، ولا تحترم الضوابط المعمارية الخارجية”.