للأسف الشديد الفضيحة لا تحرك ساكن المسؤول المغربي، ولا تزعزع شعرة من رأسه، بل يرفع رأسه وينفخ ريشه كالطاووس كأنه يقول للمغاربة “موتوا بغيظكم أنا في مكاني ومقامي ومتشبث بالكرسي”. وهذه ظاهرة غريبة في بلد يؤسس لتقاليد ديمقراطية بعد أو وضع لبنات الدولة الديمقراطية المحكومة بالمؤسسات. دون أعراف ديمقراطية تموت هذه الأخيرة لأنها تجسد “روح العصر” بتعبير هيجل.
ذات يوم رفع قيادي في حزب سياسي مغربي دعوى قضائية ضد “النهار المغربية”، وقال ضمن حيثيات المقال المرفق بالدعوى إن المقالات التي سبق أن نشرناها ضده حول تورطه في جريمة قتل منعته من تولي مناصب سامية، وكان يقصد اقتراحه للوزارة في حكومة عبد الإله بنكيران، ورفض توزيره على سبيل “الشبهة” في الحد الأدنى، وأعيد ترشيحه مرة أخرى ورفض.
ماذا نريد من هذا الكلام؟ ليس سعيا للعب دور البطولة كما آخرون لأننا نحترف مهنى ونؤدي من خلالها دورنا في المجتمع ولا ننتظر نتائج ولا جزاء ولا شكورا، ولكن القضية، التي لم نتأكد منها نحن بأنفسنا، ولكن أوردها المعني بالأمر تفيد أن الشبهة مانعة من الوزارة، فالشخص المعني غير محكوم لحد الآن ولم يكن حينها أصلا قد تقررت محاكمته ومتابعته، ولكن كان بين يدينا ملفا فتطرقنا إليه..ومن باب تجاوز “الشبهة” تم استبعاده.
إذا كانت الشبهة مانعة من الاستوزار ألا تكون مانعة من البقاء في الوزارة؟
ونقول الشبهة في حالة مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ومحمد أمكراز، وزير التشغيل والإدماج المهني، على سبيل المسامحة والتراخي كما يقول الفقهاء في استعمال بعض المفردات..وإلا فإن القضية تتعلق بتهرب واضح من القوانين الجاري بها العمل، حيث تأكد أنهما لم يؤديا واجبات الضمان الاجتماعي، التي فيها ضياع حقوق كثيرة، أي حقوق المستخدمين وحقوق الدولة.
عندما تتهرب من أداء واجبات الانخراط والتسجيل في الضمان الاجتماعي فأنت “تأكل”، بصريح العبارة وبلاغتها المغربية، حق من يشتغل عندك، لأنه لن يجد شيئا يعالج به نفسه وعندما ينتهي سن عمله لن يجد تقاعدا، وأنت “تأكل” وبالبلاغة نفسه حق الدولة أو الميزانية العامة، لأنك “تأكل” الضريبة المستحقة عن الأجر المصرح به.
القضية التي تفجرت اليوم والتي قد تصل إلى المحاكم إذا قرر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مقاضاة الوزير بتهمة التهرب لمدة 24 سنة والوزير الآخر لمدة سنوات، ةهذا حق لهذه المؤسسة دون أن نسألها عن سكوتها طوال هذه السنوات وعمن تسكت أيضا، لأننا اكتشفنا أن رئيسا لإحدى اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق حول هذه المؤسسة ظل سنوات طوال لا يؤدي واجبات الانخراط لعمال شركات المحسوبين بالمئات.
اليوم إذا قررت المؤسسة القيام بتفتيش تم متابعة قضائية، فإنها ستكون أمام وزيرين في حكومة منتمين لحزب رئيسها، وبالتالي فإن استقالتهما واجبة وضرورية للقيام بمهام التفتيش والمتابعة.