ليس كل ما يلمع ذهبا كما يقال. وليست كل الحقوق التي يرفعها المناضلون حقيقية، وليست كل المنظمات تلتزم مبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان. أمنستي أنترناشنال نموذج للتوظيف الحقوقي في ضبط الجغرافية السياسية، ونموذج للتوظيف عن طريق الابتزاز بشكل كبير، وهي المنظمة ذات التاريخ العريق لا تكتب شيئا عن الجزائر إلا ملاحظات من باب رفع العتب، بينما تصور المغرب على أنه جهنم حقوق الإنسان، في وقت يشهد مفوضون أمميون بالتقدم الحاصل في المغرب منذ إقرار جبر الضرر والإنصاف والمصالحة ناهيك عن التأصيل الدستوري لمؤسسات حماية حقوق الإنسان.
اليوم لم نعد أمام الابتزاز والتوظيف من أجل رسم الخارطة في الجغرافية السياسية، ولكن أمام تهديد الأمن القومي للمغرب، تريدنا المنظمة، التي تمت صناعتها من أجل أن تكون مثل سيف ديموقليس فوق رؤوس الدول، أن نسكت عنه، حيث قامت بتغيير مسار قضية خطيرة يتم التحقيق فيها تتعلق بلقاءات جمعت صحافيا بضابط اتصال لسفارة أجنبية في مخالفة كبيرة للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، حيث تم تحديد مهام هؤلاء الضباط ولا يمكن تجاوزها.
الاتصال بضابط اتصال يعني في عرف الدول مؤامرة محتملة، صدقت التكهنات أو لم تصدق، لكن الشبهة تقتضي التحقيق، وكل اتصال بهذا النوع من الموظفين يحيل على التجسس والتآمر على الأمن القومي للبلاد، وبه وجبت ضرورة تحرك كل الأجهزة المعنية بحماية الأمن القومي، من أجل معرفة حقيقة هذه الاتصالات ومجراها وهدفها، خصوصا وأن بيان الوكيل العام في وقت سابق تحدث عن مساءلة الصحفي المعني بالموضوع عن تحويلات مالية توصل بها من الخارج.
أقصى ما يمكن أن يطالب به الحقوقيون اليوم هو احترام القوانين أثناء التحقيق في القضية، اما اعتبارها مجرد استهداف للصحافة المستقلة فهذا فيه مزايدة وحتى لا يتم المساس في وقت آخر بأي شخص ارتكب الأفعال نفسها وبالتالي يتم الضغط على المغرب من كل الجوانب وخصوصا التأثير على القضاء ومسار التحقيق.
تريد أمنستي أن تجعل من حقوق الإنسان رافعة لممارسة الابتزاز بل ممارسة أساليب خبيثة من شأنها زعزعة الأمن القومي، ولا يستشكل علينا أولئك الذين يقولون “واش هاذي دولة يهددها صحفي متدرب”.. نعم يمكن لأي شخص أن يشكل تهديدا على الأمن القومي إذا دخل في تشبيكات كبيرة ومتداخلة بين أجهزة وضباط اتصال وتآمر من دولة ضد بلده، وقد رفع المغرب التحدي في وجه هذه المنظمة “إذا لم ترد المنظمة إعطاء المغرب الأدلة حول تقريرها، فيجب عليها أن تقدمها للعالم خلال ندوة صحفية”، يعني لا تقدموا لنا شيئا ولكن قدموه أمام العالم وأحرجونا.. “قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”.. طبعا لا برهان لهم سوى الابتزاز.
منظمة العفو الدولية أصدرت خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية تسعة بيانات وتقارير تهم المغرب، فيما أصدرت منذ سنة 2016 ما مجموعه 72 وثيقة تهم المملكة، علاوة على الحملات الدولية والإعلامية التي تستهدفها بها. بالدارجة البليغة: واش كاين غير المغرب؟