ارتفع الجدال السياسي، على إثر إعلان حكومة سعد الدين العثماني، التوجه الجديد نحو “سياسة التقشف” ، والتشريع في قانون المالية التعديلي بعدم إدراج مناصب شغل جديدة على مدى ثلاث سنوات، حيث وصفت المعارضة التوجه الجديد للحكومة بـ”العبث” فيما اعتبره نبيل بنعبد الله بالإجراء “المخيف” قبل أن تنبه المعارضة الحكومة من السقوط أمام خرق دستوري بإلزام الحكومة المقبلة بإجراءات الحكومة الحالية.
ويرى خبراء القانون الدستوري، أنه من الناحية القانونية لا تعتبر الوثيقة القانونية لقانون المالية إلزاما للحكومات المقبلة، ويبقى الاجتهاد الحكومي قابل للتعديل في أي مرحلة، تراها الحكومات المقبلة مناسبة، ويبقى الوضع الحالي قانوني للحكومة من حيث وضع القانون المالي المناسب لها خلال السنة الأخيرة من ولايتها التشريعية.
ويتجه التنصيص الجديد لحكومة العثماني، على حذف مناصب الشغل، الى تفجر الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة، قبيل الإنتخابات التشريعية المقبلة، ودخول الأإلبية في وضعية “ضبابية” بعدما رفضت بعد مكوناتها الإفصاح عن موقفهم من الإجراء الحكومي الجديد، وغياب ردود فعل من داخل الأحزاب المشكلة للحكومة.
وكان زعماء احزاب المعارضة، انتقدوا التوجه الجديد لحكومة سعد الدين العثماني، على إثر “فشلها” في تدبير جائحة “كورونا” والإعلان عن التوجه نحو “سياسة تفقيرية”، بعدما طالب رئيس الحكومة من القطاعات الحكومية عدم ادراج مناصب للشغل لمدة 3 سنوات في قانون المالية التعديلي الجديد، حيث دعا نبيل بنعبد الله، رئيس الحكومة إلى التراجع عن القرار، قبل “أن يهاجم قرار إلغاء التوظيفات العمومية، معتبرا ” أن القرار يدل على انعدام الحس السياسي لرئيس الحكومة، مشددا على أن حزبه لن يساند قرار إلغاء التوظيفات العمومية.
وشدد عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، على أن قرار إلغاء مباريات التوظيف نوع من العبث السياسي، موضحا أن قرار توقيف التوظيفات مخالف للصواب، داعيا الحكومة للتتراجع عنه”، موضحا أن “تعامل الحكومة الرديء مع الأزمة التي تمر منها البلاد، لم يخلق انفراجا بل زاد من تعميقها أكثر، ويزيد من تداعياتها على المواطنين”، مؤكدا ” أن الظرفية تحتاج إلى البحث عن حلول عملية ومستعجلة لإنقاذ البلاد من تداعيات الجائحة على جميع المستويات، وليس إغلاق المنافذ وزيادة تعميق الأزمة”، وطالب وهبي، الحكومة بضرورة دعم المواطنين اقتصاديا وماليا، وليس فرض سياسة الإنكماش والعجز”.
وانتفضت الأحزاب المعارضة والنقابات في وجه حكومة سعد الدين العثماني، المعلنة عن توقيف التوظيف لمدة 3 سنوات، بعدما اقترح سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، تحيين المقترحات الميزانية للسنوات الثلاث المقبلة، خصوصا في ما يتعلق بحصر مناصب الشغل في القطاعات المهمة، وهو ما ترفضه المعارضة، بشكل قاطع، مع مطالب بسحب الاعتمادات المرصودة للمسائل الكمالية.
و دعت حكومة سعد الدين العثماني، القطاعات الوزارية والمؤسسات ، الى عدم برمجة إحداث مناصب مالية جديدة برسم السنة المالية 2021 على الخصوص، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والقطاعات الأمنية بما في ذلك وزارة الداخلية والمصالح الأمنية التابعة لها وإدارة الدفاع الوطني.
وشدد رئيس الحكومة، في دورية موجهة للوزراء والمندوبين السامين والمندوب العام، حول تحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات “2021-2023″،على عدم برمجة مناصب مالية يسري بالخصوص على السنة المالية 2021، وأوضحت دورية رئيس الحكومة، على أن نفقات التسيير الأخرى يتعين أن تقتصر على النفقات الضرورية والملحة من خلال مواصلة المجهودات المبذولة لعقلنة وترشيد هذه النفقات تماشيا مع ما يفرضه سياق ما بعد الجائحة.
ودعت الدورية، فيما يتعلق بنفقات الاستثمار الى إعطاء الأولوية لتوطيد المشاريع التي توجد قيد الإنجاز، خاصة المشاريع موضوع اتفاقيات موقعة أمام الملك والمشاريع المستفيدة من تمويلات خارجية، مع إيلاء الأفضلية للمشاريع المنجزة من طرف المقاولات المغربية، لا سيما تلك التي تستعمل مواد محلية.
وأوصت الحكومة، بتعزيز اللجوء إلى آليات بديلة للتمويل، في إطار الشراكة المؤسساتية أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث أشارت دورية رئيس الحكومة إلى أن هذه التوجهات تسري كذلك على البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات المتعلقة بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، وبالحسابات المرصدة لأمور خصوصية، وكذا بنفقات الاستغلال ونفقات الاستثمار للمؤسسات العمومية المحددة بموجب قرار وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 679.20.
وأكدت الدورية أن على القطاعات الوزارية والمؤسسات تحيين مقترحاتها المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لسنوات 2021-2030، فيما يخص الميزانية العامة ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات المرصدة لأمور خصوصية مع التقيد الصارم بتوجهات التدبير الأمثل للنفقات العمومية، وإعادة تقييمها وحصرها في الحاجات الضرورية والملحة، على ضوء ما تفرضه الوضعية المرتبطة بتداعيات جائحة كوفيد-19.
وتأتي هذه التوجهات الجديدة حسب الدورية بالنظر للاستمرار المرتقب للتأثير السلبي لهذه الجائحة على النشاط الاقتصادي وعلى وضعية الميزانية، لاسيما التراجع الحاد في موارد الدولة، ما يتطلب مواصلة جهود استعادة الدينامية الاقتصادية الوطنية، وكذا استمرارية تدبير ضبط النفقات والتخصيص الأمثل للهوامش المالية المتاحة بما يسمح بالاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية.