حتما أن الجائحة تؤثر على الحياة العامة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولهذا لابد من التعاطي مع الواقع على أنه يعيش أزمة ناتجة عن الجائحة، لكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن ترتهن كل حياتنا لسلطة الجائحة وسطوتها بدل أن نخضع الجائحة لسلطتنا وسطوتنا، وإذا كان المغرب قد تعامل مع الأزمة في سياق احترام المؤسسات وعدم القفز عليها، فإنه سائر في تأكيد ذلك من خلال العمل اليومي والمستقبلي الجاد، سواء تعلق الأمر بمعالجة آثار الجائحة أو من خلال حماية المؤسسات واحترام الآجال القانونية للاستحقاقات.
إجراء الاستحقاقات في موعدها دليل على أن المغرب حسم بشكل قاطع خياره الديمقراطي، لكن فيه أيضا رسالة إلى الأحزاب السياسية بضرورة حضورها اليومي وليس الانتخابي، إذا كانت المؤسسات ورغم الاهتمام الكبير بتجاوز الأزمة تحترم الآجال الانتخابية، فإن الأحزاب السياسية كان عليها أن تحترم موعدها مع الناخب، الذي ينتظرها أن تكون جنبه في الجائحة.
سوف تجري الاستحقاقات الانتخابية، التشريعية والجهوية والجماعية والغرف، في وقتها المحدد. وتعتبر التشريعية أهمها لأنها هي من تفرز الخارطة التي تقود السياسة العامة للبلاد. ولابد أن يتم طرح نمط الاقتراع من جديد، بعد أن أكدت اللائحة أنها لا يمكن أن تفرز الخارطة الحقيقية من حيث تمثيل الساكنة، خصوصا وأن كثيرا من النواب يصعدون عبر أكبر بقية، وآخرون يفوزون فقط لأنهم في لائحة شخص آخر له شعبية، بينما الترشيح الفردي، يجعل المرشح وجها لوجه مع ناخبيه.
نعرف أننا لم نصل مرحلة التصويت على أساس البرنامج الانتخابي للمرشح ولكن على الأقل أن تصبح العناوين الكبرى والشعارات قاعدة للمحاسبة الجماهيرية، إذ لا يمكن أن يبقى التصويت عشوائيا، فمن رفع شعارا مثل “محاربة الفساد” وفي التنفيذ “عفا الله عما سلف”، ينبغي أن تكون هناك حملات للتعريف به وعلى ضوء ذلك، وهذا ينطبق على كافة الأحزاب، ولكن دور التوعية مهم في هذا المجال.
الانتخابات كي تكون ناجحة لابد أن تقطع مع أساليب الماضي، التي اتضح أنها لم تجد نفعا، ولوائح الريع نوع من هذا الماضي، الذي لا ينبغي أن يعود، فقد كانت الفكرة تقتضي تأهيل الفئات الاجتماعية، مثل النساء والشباب، كي يصلوا إلى البرلمان، لأن طبيعة المجتمع لم تكن تسمح بوصول هذه الفئات بشكل سلسل.
لكن تبين أن اللوائح تحولت من أداة للتأهيل إلى أداة للريع، خصوصا أن البعض ترشح من خلالها مرتين، وهذا مناقض في أصله لمفهوم التأهيل، الذي معناه تقرب المسافة عن الشخص كي يدخل البرلمان من أجل أن يصنع قاعدته الانتخابية، غير أن هذه اللوائح تحولت إلى ريع كبير.
قضية أخرى لابد من التفكير فيها ألا وهي تخفيض عدد البرلمانيين تماشيا مع التقشف في الميزانيات، وهذا ممكن فالبرلمان الأوروبي يمثل 28 دولة يوجد فيه 700 برلماني، يعني قارة بأكملها، وإذا تم تخفيضه إلى النصف سنربح تعويضات هائلة، بالإضافة إلى ضرورة دمج كل التعويضات في التعويض الرسمي ومنع حصول البرلماني على تعويضات السفر والأكل وبونات المازوت.
الجائحة أكلت الميزانية ولا ينبغي الاستمرار في كثير من المصاريف التي نحن في غنى عنها.