قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية عدد من المقتضيات الواردة في مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، الذي صادق عليه البرلمان خلال شهر يونيو المنصرم في إطار القراءة الثانية.
وهمّ القرار بشكل خاص المادة 17 من المشروع، والتي أثارت موجة واسعة من النقاش داخل الأوساط القانونية والقضائية، لكونها كانت تمنح النيابة العامة صلاحية الطعن في أحكام قضائية نهائية، حتى دون أن تكون طرفًا مباشراً في النزاع.
وبحسب منطوق القرار الصادر عن المحكمة، فإن الفقرة الأولى من المادة المذكورة “تُجيز للنيابة العامة طلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام، داخل أجل خمس سنوات من تاريخ صيرورته حائزاً لقوة الشيء المقضي به”، وهو ما اعتُبر إخلالًا بحقوق التقاضي ومساسًا بمبدأ الأمن القانوني، كما يكفلهما الدستور المغربي.
جدل قانوني وسياسي
القرار يعيد فتح النقاش حول حدود تدخل النيابة العامة في النزاعات المدنية، ومدى توافق بعض اختصاصاتها مع الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء وحقوق الأطراف. كما يضع وزارة العدل أمام تحديات جديدة في تنزيل مشروع إصلاح شامل للمسطرة المدنية، بما يضمن التوازن بين المصلحة العامة وحماية الحقوق الفردية.
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الحقل القضائي دينامية تشريعية، تتسم بإعادة النظر في عدد من القوانين المنظمة لسير العدالة، وسط مطالب فاعلين حقوقيين وقانونيين بضرورة احترام المبادئ الدستورية في كل تعديل أو إصلاح.
ومن المنتظر أن تُعيد الحكومة النظر في الصيغة المعتمدة للمادة المعنية، تماشياً مع قرار المحكمة الدستورية، قبل إعادة عرض النص على البرلمان بصيغة منقحة تستجيب للضوابط الدستورية.