في قضية المدونة التي أهانت الدين الإسلامي عبر التعدي على الذات الإلهية، ينبغي استذكار قصة عبد المطلب جد الرسول (ص) مع أبرهة الحبشي، إذ طلب منه الإبل التي أخذ أعوانه، ولما سأله عن “بيت الله الحرام”، رد عليه للبيت رب يحميه.
معاقبة من يقوم بإهانة الدين الإسلامي ليست حماية للدين نفسه ولا للبيت لأن للبيت رب يحميه ولكن حماية للأمن الروحي للمغاربة.
في العالم ملايين لا يؤمنون بالله ومع ذلك لا ينقصون ولا يزيدون من الإيمان الديني، وعهدنا أن قضايا مثل هذه تتم مناقشتها في أماكنها، حيث يتنافس علماء الكلام وعلماء اللاهوت على استعمال وسائل الاستدلال والإقناع، ولم يكن الموضوع رهن إشارة من لا علم له، ناهيك عن أن تكون مجرد باحثة عن “البوز”.
من أجل الأمن الروحي للمغاربة لابد من الصرامة القانونية، مثلما يمنع القانون أي شكل من اشكال التشويش على عقيدة المغاربة من خلال المذاهب البعيدة عن معتقدات المغاربة، فهو أيضا يمنع مثل هاته السلوكات التي تسيء للمنتسبين للإسلام.
ففي الفقرة الخامسة من الفصل 267 من القانون الجنائي “يُعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 20 ألف إلى 200 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كلُّ من أساء إلى الدين الإسلاميّ أو النظام الملكي أو حَرَّض ضد الوحدة الترابية للمملكة.
ولم يغب عن المشرع إمكانيات استعمال الوسائل الحديثة للتواصل الاجتماعي حيث “تُرفع العقوبة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة 50 ألف إلى 500 ألف درهم إذا ارتُكبت الأفعال المشار إليها بواسطة إلقاء الخُطب في الأماكن والتجمعات العامّة أو بواسطة وضع الملصقات أو بواسطة ممارسة البيع أو التوزيع أو بواسطة كل وسيلة تحقق شرط العلنيّة، بما في ذلك الوسائل الإلكترونية والورقية والسمعية والبصرية”.
السرعة التي تعاملت بها النيابة العامة مع ملف الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي استعملت “تي شورت” للتعبير عن إهانتها للدين الإسلامي والتعدي على الذات الإلهية، رسالة من أجل التوضيح عن دخول زمن إنفاذ القانون لكل من خولت له نفسه استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لضرب إحدى ثوابت المغرب الخالدة، التي حماها أسلافنا بكل ما يملكون من أرواح ومال وتضحيات جسام إلى أن وصلتنا أمانة ينبغي أن نحافظ عليها جميعا.
حماية الأمن الروحي للمغاربة تفوق حماية أي نوع من أنواع الأمن، بالنظر للارتباط الوثيق للمغاربة بالدين الإسلامي، فالله ليس في حاجة لمن يدافع عنه كما يعتقد البعض أو يريد البعض الترويج لذلك، ولكن القضية هي دفاع عن المغاربة، فلسنا نحن من يحمل السلاح دفاعا عن الوطن، لكن لن نقبل أن يتم التعدي عليه أو نعته بأي نعت وخاض المغاربة معارك كبيرة من أجل صورة المغرب.
إن التصدي للاستغلال المجنون لوسائل التواصل الاجتماعي كمين بحماية المغاربة من الباحثين عن المال والبوز.