في الوقت الذي يتجه المغرب، دولة ومجتمعا، نحو وحدة لمواجهة شاملة ضد جائحة فيروس كورونا، يخرج شواذ من هامش المجتمع ومن قلبه ليشكلوا استثناء، ويحاولون استغلال الأزمة والاتجار فيها وبها، ويحاولون أن يخرجوا بعد كورونا بأرباح طائلة، سواء كان ربحا ماديا أو معنويا.
لقد اتخذت الدولة إجراءات حازمة لمواجهة الجائحة، وتم كل ذلك في إطار القوانين الجاري بها العمل، وتم عرض قانون حالة الطوارئ الصحية على البرلمان باعتباره ممثل الشعب والمؤسسة التشريعية والمخولة بذلك، ولم يتم اتخاذ أي إجراء خارج القانون.
صحة المواطن أو أمنه الصحي واجب على الدولة، وبالتالي ينبغي أن ترعاه بكافة الطرق والوسائل، واللحظة ليست زمنا للحسابات السياسية، ولاتقبل الاتجار بمصير شعب مقابل مكاسب مهما كانت تعتبر خسارة تاريخية لصاحبها.
تجار أزمة كورونا لم يتركوا نافذة ولم يحاولوا النفاذ منها قصد تحقيق أي مكسب. مرة يتاجرون في المواد الاستهلاكية عبر احتكارها وتخزينها بعيدا عن الأعين لإعادة المتاجرة فيها. ومرة يتاجرون في رخص الخروج الاستثنائية، التي جعلوا منها سوقا وقد فضحه وزير الداخلية في البرلمان.
ومرة يستعملون الدين، والدين براء منهم براءة الدئب من دم يوسف، ويخرجون الناس للشارع معرضين حياتهم وحياة غيرهم للخطر، لأن التجمعات هي مجمع الأوبئة ومكان انتقالها، وفي وقت تقول منظمة الصحة العالمية إن الاجتماع بين اثنين ينبغي أن يخضع لمسافة الأمان، يُخرج هؤلاء مئات الناس في ازدحام وتدافع وتطاير للرذاذ، وكلها تساعد على انتشار الجائحة.
وأخطر استغلال للأزمة، هو الاستغلال السياسي تحت شعار التضامن الاجتماعي. رغم الهلع الذي أصاب الجميع وهو اليوم مشترك إنساني، فإن آخرين ركبوا القضية تحت عنوان “العمل الخيري”، ولهذا ركزت وزارتي الداخلية والصحة على ضرورة أن يمر العمل الإحساني عن طريق المؤسسات وبتنسيق مع الولاة والعمال وعن طريق صندوق مكافحة الجائحة.
قبيل فرض حالة الطوارئ أقدم حزب سياسي على تعقيم سيارات الأجرة الكبيرة، لكن المفاجأة هو أن من كان يقوم بذلك كان يحمل أدوات مرسوم على شعار الحزب، الذي قدم هذه الخدمة. هذه قمة البؤس السياسي.
تنظيمات وجمعيات وجماعات دينية وغيرها تحاول كلها استغلال الفرصة للتقرب من المجتمع والبحث عن أصوات ناخبة أو حتى أصوات متمردة على الدولة والمجتمع.
العمل الإحساني في هذه اللحظة ينبغي أن يكون لوجه الله والوطن، وبعد ما تمر عاصفة الجائحة وينجو شعبنا منها، لكم الحرية الكاملة في تصريف مواقفكم وفق ما تنص عليه القوانين.
لقد قال جلالة الملك محمد السادس ذات يوم إن حزبي هو الشعب المغربي. لهذا لما حلت الجائحة وقف في الصف الأول للمقاومة والتصدي للفيروس، بينما كثير من الزعماء السياسيين والتنظيمات تقوم اليوم بمحاولات البحث عن أتباع يتم استغلالهم سياسيا بعد أن تنفرج الأزمة