في وقت الأزمات ينسى الناس خلافاتهم ويتحدوا للمواجهة، ولا نعتقد أنه مرت على المغرب أزمة أخطر من جائحة كورونا، التي أنست الناس “المعقولة” خلافاتها السياسية، لتتجند خلف جلالة الملك محمد السادس في كل القرارات التي اتخذتها الدولة من أجل مواجهة فيروس كورونا، غير أن بعض الحالات الشاذة والماردة كشفت عن وجهها غير الجميل في هذا الوقت بالذات، وحاولت وتحاول استغلال الظروف غير الطبيعية لتحقيق مكاسب سياسية.
بالأمس تحدثنا عن تجار الأزمات، وهم الذين يحتكرون السلع والمواد التموينية لأغراض رفع الأسعار، وتجار أوراق رخص الخروج، وتجار الدين، وهم يلتقون في طريق واحد، هو إلحاق الأذى بالمجتمع المغربي، واليوم نتحدث عن عينات ممن يتاجرون بالمواقف في وقت لا يحق ذلك بتاتا.
حالة الطوارئ الصحية، التي أعلنتها وزارة الداخلية الجمعة الماضي، وصادق البرلمان الاثنين على المرسوم الذي ينظمها وصدر الثلاثء في الجريدة الرسمية بما يعني أنه دخل حيز التنفيذ، هي حالة طوارئ صحية كما جاء في البلاغ وفي المرسوم وليست حالة طوارئ “حافية” دون إضافة بدليل أن كل المؤسسات قائمة وأن البرلمان، بما هو سلطة تشريعية، هو من صادق على المرسوم وما زالت كل المؤسسات قائمة.
إنها حالة طوارئ صحية واضحة لحماية الحق في الحياة، وهنا كان على دعاة حقوق الإنسان أن ينبروا للتصفيق لكل هذه القرارات لأنها تخدم أهدافهم، طبعا لو كانوا صادقين.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان راسلت والي جهة مراكش آسفي حول ما أسمته استعمال الشطط في السلطة خلال تنفيذ حالة الطوارئ الصحية، وأكثرت من الكلام الكبير والصغير، مع العلم أن مراقبين حقوقيين لم يلاحظوا أية تجاوزات في هذه الجهة، مع العلم أن الحالة الوحيدة والواضحة هي رئيس مفوضية جرف الملحة، الذي تم فتح تحقيق آني بشأنه.
عبد اللطيف وهبي، المحامي والبرلماني والأمين العام الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة، وخلال انعقاد لجنة الداخلية لمناقشة مرسوم حالة الطوارئ شن هجوما عنيفا على السلطة وعلى الإجراءات التي اعتبرها مناقضة لحقوق الإنسان.
محمد زيان، المحامي والمنسق العام للحزب المغربي الحر، بث فيديو يهاجم فيه الإجراءات المتخذة.
نعرف أن لكل واحد أو لكل جهة خصومة معينة أو حساب معين مع السلطة أو حتى مع الدولة. لكن هذا ليس وقت تصفية الحسابات، لأن العالم في حالة طوارئ.
زيان الذي يعرف جيدا إسبانيا، كان بإمكانه مشاهدة كيف يتم تجميع الناس من الشارع بطريقة عنيفة لفرض حالة الطوارئ، وهو ما لم يحصل في المغرب، حيث تتم لحد الآن تنفيذ حالة الطوارئ الصحية في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، وحالة هنا أو حالة هناك لا تعني بتاتا توجها عاما.
بدل أن يتحدث هؤلاء عن حقوق الإنسان ما عليهم سوى أن يشرحوا للمغاربة كيف سيحمون حقهم في الحياة؟