يفتتح البرلمان بغرفتيه، اليوم الجمعة، دورته الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، وفق مقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلسي البرلمان.
هذه هي السنة الأخيرة من عمر هذه الولاية، وهي نفسها السنة الأخيرة من عمر هذه الحكومة، التي انبثقت من البرلمان نفسه، أي أن البرلمان، الذي كان أصلا في ميلاد هذه الحكومة هو الذي نراه اليوم رهينة في يدها تفعل به ما تشاء.
في هذه الصحيفة كتبنا منذ اليوم الأول لتنصيب هذه الحكومة أنها تشكل خطرا على الديمقراطية في المغرب، لأنها تهدد في العمق منطق فصل السلط، لأن هذا الاندماج الكلي بين الأغلبية الحكومية والأغلبية البرلمانية، حوّل البرلمان إلى مجرد آلية للتصويت فقط، والتصويت الأوتوماتيكي، الذي لا يحتاج معه أحد إلى مناقشة القضايا المطروحة عليه.
الأغلبية، التي يمكن أن تحافظ على فصل حقيقي للسلط، هي الأغلبية التي تساند الحكومة بما أنها منبثقة عنها، لكن لا تطلق يدها، فهي قبل أن تصوت على مشاريع القوانين تقوم بتجويدها وتعديلها، أي يكون لها دور كبير في العملية التشريعية، حيث تتوفر على خبرات ومؤهلات لتقديم أحسن وأجود التشريعات، أما أن تتحول إلى مجرد آلية تصويت فهذا يفقدها معناها ويجعلها في خدمة الحكومة.
البرلمان يوجد اليوم خارج السياق التشريعي، باعتباره لا يساهم في إنتاج القوانين إلا من حيث منحها شرعية المرور نحو المسالك القانونية، من خلال الأغلبية العددية، التي ليست ربحا للديمقراطية المغربية بل هي أكبر خسارة، يوم جمع عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات، ثلاثة أحزاب الحائزة على أغلب البرلمانيين، وجعلها في مواجهة أربعة أحزاب واحد لم يعهد المعارضة وواحد سقط سقوطا حرا في الانتخابات وثالث مطرود للمعارضة.
هذه التركيبة التي يعيشها البرلمان قاتلة وضد الديمقراطية، فقد صنعت جوا خطيرا، حيث تم تمرير كل القوانين، مهما كانت خلفيتها ومنها قوانين لا تخدم سوى “تجمع المصالح الكبرى”، وتم منع لجان تقصي الحقائق وتعويضها بلجان استطلاع على ما بينهما من فارق، وبالمعارضة المشتتة تم حرمان الامتحان الديمقراطي من درس ملتمس الرقابة، الذي كان بمكنته أن يكون عنوان للكشف عن العديد الخبايا.
ويضاف إلى تركيبته البنيوية تركيبتها البشرية، التي جعلت البرلمان محط انتقاد واسع، حيث يوجد أكثر من ثلاثين برلماني ما بين سجين ومتابع في عشرات القضايا، التي تتعلق بالفساد المالي، وهي الحصيلة الوحيدة التي يمكن أن تحسب لهذه الولاية التشريعية.
لكن…عندما ننتقد البرلمان فنحن ننتقد تركيبته التي جعلت أغلبية عددية متغولة مقابل معارضة مشتتة، وجعلت من تركيبته البشرية مجرد أرقام عددية، لكن يبقى البرلمان هو المؤسسة الأساسية في التشريع ومراقبة عمل الحكومة، وما نقوله هنا هو رسالة في سنة ختام الولاية التشريعية قصد انتخابات مختلفة تأتي بتركيبة برلمانية تليق بالمغرب.