تعكس الخطوة السياسية الجديدة التي اقدم عليها بنكيران ، تصاعد حدة الخطاب الحزبي قبل أشهر قليلة من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليهاجم بشدة حكومة عزيز أخنوش، معتبرًا أنها تُظهر “طبيعة افتراسية” في تدبير الشأن العام، خصوصًا بعد ما سماه “فضائح الصفقات” داخل وزارة الصحة.
و انتقد بنكيران ما وصفه بـ“الجرأة غير المفهومة” لبعض أعضاء الحكومة في ممارسة الفساد دون خجل أو تحفظ، في إشارة مباشرة إلى قضية “فراقشية الدواء” التي شغلت الرأي العام مؤخرًا. واعتبر أن هذا الملف “مخجل” ويستدعي تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بدل الاكتفاء بتفعيل اجتماع لجنة برلمانية كما دعت الأغلبية.
وانتقل بنكيران للحديث عن الاجتماع الهام الذي جمع الأحزاب السياسية بمستشاري الملك ووزيري الداخلية والخارجية، عقب صدور قرار مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء المغربية. وأوضح أن هذا اللقاء أعاد للأحزاب بعضًا من مكانتها الطبيعية في المشهد السياسي، معتبرًا أن هذا التموقع يجب أن يُستثمر عبر تطوير المبادرات، مشيرًا إلى أن حزبه يشتغل على مذكرة لتحسين مقترح الحكم الذاتي.
ولم يفوّت زعيم العدالة والتنمية الفرصة للتعليق على الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، موجّهًا مناشدة جديدة للحكام العرب والمسلمين للتحرك الدبلوماسي العاجل. ووصف ما يتعرض له الفلسطينيون بأنه “جريمة دولية” لا يمكن للعالم أن يتجاهلها، خاصة مع تزايد معاناة الغزيين جراء الأمطار التي أغرقت المخيمات وجعلت الحياة “شبه مستحيلة”.
وفي الجزء الثاني من اللقاء، عاد بنكيران للحديث عن الشأن الداخلي لحزبه، مؤكّدًا أن العدالة والتنمية استعاد جزءًا كبيرًا من نفوذه السياسي رغم الهزيمة القاسية في انتخابات 2021، التي حصل فيها على 13 مقعدًا فقط بعد عقد من قيادة الحكومة. وقال بنكيران إن الحزب “لم يعد بعد إلى كامل قوته”، لكنه تجاوز سنوات صعبة بفضل جهود أعضائه على المستويين المحلي والمركزي.
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية، دعا بنكيران أعضاء حزبه إلى الاستعداد المكثف عبر الاتصال المباشر بالمواطنين وتوسيع عملية تسجيل الناخبين، في محاولة لمنافسة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي اعتبر أنه “يستفيد من دعم داخل السلطة ويمتلك إمكانيات مالية ضخمة”. وأكد أن قوة العدالة والتنمية لا تكمن في المال أو الأعيان، بل في “التنظيم والإيمان والتفاني”.
وتأتي تصريحات بنكيران في وقت بدأت وزارة الداخلية استعداداتها التقنية واللوجستية للانتخابات، بعد دعوة الملك محمد السادس إلى إعداد القانون التنظيمي للانتخابات قبل نهاية العام، مع التشديد على فتح مشاورات سياسية واسعة.
واعتبر بنكيران أن الحزب حقق “إنجازات مهمة” خلال الفترة الماضية، رغم العراقيل، مشددًا على أن الانتخابات النزيهة هي الفيصل الحقيقي بين الأحزاب. كما دعا أعضاء الحزب إلى الصبر والمثابرة، معتبرًا أن “الحياة السياسية لا تحتمل اليأس”.
وفي سياق انتقاده لأداء الحكومة الحالية، أشار بنكيران إلى ما يصفه حزب العدالة والتنمية بـ“الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية”، منها ارتفاع معدلات البطالة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب تنامي مؤشرات الفساد. ودعا إلى “انتخابات مبكرة” لقياس ثقة الرأي العام في الحكومة، معتبرًا أن السياسات الحالية “لم تُحقق الوعود التي قدمتها الأغلبية للمغاربة”.
وبين التصعيد السياسي والتعبئة الداخلية، يبدو أن العدالة والتنمية يتجه نحو العودة بقوة إلى المنافسة الانتخابية، مستفيدًا من خطاب نقدي حاد تجاه الحكومة ومن محاولات إعادة بناء التنظيم الداخلي. وبينما تؤكد قيادة الحزب أن طريق العودة ما زال طويلاً، فإنها تراهن على الحضور الميداني والثقة الشعبية لإعادة رسم موقعه في الخارطة السياسية المقبلة.







