مرة أخرى ينال المغرب ما يستحق من تتويج نتيجة الإصرار على النجاح وتحدي العقبات، حيث فاز بـ”كأس العرب” أمام منتخب ليس بالهين وأمام اختيار ومغامرة باللعب عبر المنتخب الرديف، وجاء هذا التتويج استحقاقا لما أصبحت تمثله كرة القدم المغربية، التي صنعت الفرجة والفرحة والأمجاد في نهائيات كأس العالم بقطر إذ وصل المنتخب الوطني إلى نصف النهاية بعدما انتصر على منتخبات عريقة بل منها من كان مرشحا للفوز بالكأس.
النتيجة التي حققها المنتخب المغربي في كأس العرب تدل على أن الجدية في العمل نتيجتها “الربح”، وهذا يمكن سحبه على كافة المجالات.
لم تعد كرة القدم مجرد فرجة، يمارسها لاعبون يتنافسون من أجل الفوز، وجمهور يشجعهم وجماهير تخرج للشارع لتمارس البهجة والفرح، ولكن القضية أصبحت أكبر من ذلك، إذ أضحت مرتبطة بالتنمية كما أصبحت مرتبطة بالقوة الناعمة، ويكفي أن الملايين من مختلف بقاع العالم تعرفت على المغرب من خلال المنتخب المغربي الذي وصل إلى نصف النهاية في كأس العالم، الذي تم تنظيمه بقطر.
تلعب كرة القدم اليوم دورا مهما في العلاقات بين الشعوب، التي تنعكس بشكل أو بآخر على العلاقات بين الدول، ولها تأثير لا يقل عن تأثيرات الفن والثقافة والسينما، وعندما يتم إتقان استعمالها تكون لها نتائج باهرة في ممارسة القوة الناعمة، ولكرة القدم اليوم جمهور كبير وعريض، حيث يمكن أن يكون لاعب واحد فاعلا رئيسيا في التعريف بالبلد.
وفي خضم التطورات التي يعرفها المغرب، تمكنت الديبلوماسية الرياضية بفضل الرؤية الملكية الحكيمة والتتبع الدقيق من إقناع سلطة كرة القدم العالمية “الفيفا” بالقدرة على الاحتضان المشترك لكأس العالم 2030، ناهيك عن احتضان كأس إفريقيا للأمم ابتداء من يوم الأحد، وهذه التظاهرات العالمية أبانت عن قدرة كبيرة في تدبير هذه التجمعات الدولية المكثفة.
من جهة أظهر المغرب قدرات كبيرة في الحماية الأمنية للتظاهرات الكبرى، ومن جهة ثانية أكد المغرب تنفيذ التزاماته فيما يتعلق بالبنيات التحتية كالملاعب الكبرى والطرق والبنيات السياحية، وهي كلها موارد تنموية مستقبلية.
لقد تحولت التظاهرات الرياضية، التي سينظمها المغرب، إلى رافعة وطنية لتجسيد المسار التنموي، وتوحيد مسالك الإنجاز تحت راية واحدة يقودها جلالة الملك محمد السادس ويحملها كافة المغاربة.
الفوز الرياضي والفوز أساسا بكأس العرب أظهر أن النجاح دائما يوحد المغاربة، وشاهدنا كيف خرج المغاربة قاطبة من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، في المدن والقرى، شبابا وشيبا نساء ورجالا يافعين وأطفالا، للاحتفال بالفوز الذي حققه المنتخب المغربي بفوزه على المنتخب الأردني.
ما وقع يفيد أن النجاح في أي مجال من المجالات سيوحد المغاربة حوله، بغض النظر عمن يكون الفاعل ولهذا نفرح عند أي نتيجة إيجابية يحققها مغاربة.





