عاد مجلس رضا الشامي، لدق ناقوس خطر الوضعية ” المقلقة” للسلامة الغذائية بالمغرب، وفشل سياسة عزيز أخنوش وزير الفلاحة في وضع استراتيجيات لتحسين عمل “أونسا” ومواجهة مخاطر فساد الأغذية، مشددا في توصيات جديدة، على أن غياب سياسة عمومية متكاملة لسلامة الأغذية، يؤدي إلى العديد مـن الاختلالات في ما يتعلق بتعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات، وهيمنة القطاع غير المنظـم، وكذا محدودية الأدوار المنوطة بالجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلك.
و دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى اعتماد توصيات استراتيجية ، باعتماد سياسة عمومية فعالة ومستدامة للسلامة الصحية للأغذية، و الانتقال التدريجي من منظومة الحكامة الحالية القائمة على هيئات متعددة إلى منظومة مندمجة بإحداث وكالة وطنية للسلامة الصحية للأغذية، و الفصل بين تقييم المخاطر وتدبيرها، عن طريق إنشاء هيئة علمية مستقلة.
و قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أول أمس الأربعاء، خلال لقاء افتراضي، الخلاصات والتوصيات موضوع إحالته الذاتية بعنوان “من أجل سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية تتمحور حول حماية حقوق المستهلكين وتعزيز تنافسية مستدامة للمقاولة على الصعيدين الوطني والدولي”.
وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على وجود العديد من المؤسسات على الصعيد الوطني التي لا تتوفر على تراخيص صحية وتعرض منتجاتها في الأسواق، معرضة صحة المستهلكين لمخاطر أكيدة وغير متحكم فيها.
وأوضح المجلس، أنه في 2018 كانت 8 مجازر للحوم فقط هي التي تتوفر على اعتماد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أقل من 1 في المئة)، وفي ما يتعلق بمحلات ذبح الدواجن، تم الترخيص فقط لـ27 منهـا، مقابل أكثر من 1500 محل غير مرخص. كما أن 8 في المئة من لحوم الدجاج الموجهة للاستهلاك يتم توريدها من الوحدات التي تخضع للمراقبة، من أصل 570.000 طن تم إنتاجها.
و أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ب”الانتقال التدريجي من منظومة الحكامة الحالية القائمة على هيئات متعددة إلى منظومة مندمجة، وذلك بإحداث وكالة وطنية للسلامة الصحية للأغذية، تكون مستقلة وتحت إشراف رئيس الحكومة، ومتوفرة على الوسائل والموارد الكافية لإجراء عمليات مراقبة السلامة الصحية”.
واعتبر المجلس أن هذا “يعني مراجعة هيكلية لاختصاصات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بتخويله الموقع والصلاحيات اللازمة للاضطلاع بمهامه.
كما دعا المجلس إلى فصل تقييم المخاطر الغذائية عن تدبير المخاطر من أجل ضمان الاستقلالية والحياد ونزاهة الرأي العلمي، مبرزا أنه من المفيد في هذا الصدد إنشاء هيئة علمية لتقييم المخاطر، لاسيما من أجل توفير رأي علمي وتطوير الإطار القانوني بشكل منتظم.
واقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي توصيات إجرائية مواكبة، لاسيما عن طريق إدماج أهداف السلامة الصحية للأغذية بشكل واضح في عقود البرامج المبرمة بين الدولة والمهنيين، واشتراط منح المساعدات إلى المهنييـن باحترام دفاتر التحملات.
وشدد رأي المجلس كذلك على تحسين الشروط الصحية في القطاع غير المنظم في أفق إدماجه في القطاع المنظم، وتعزيز الآليات والوسائل التحفيزية “المساعدات، التحفيزات الضريبية، القروض بدون فوائد، إلى غيرها”، لفائدة صغار المنتجين لمساعدتهم على الاندماج في سلاسل الإنتاج الغذائية مع تشجيعهم على اعتماد مقاربة التصديق والمقايسة، والتحكم في استخدام المدخلات الكيماوية والأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية للحد من تأثيرها على البيئة وعلى صحة المستهلكين.
وأوصى المجلس ، بتطوير الإمكانات التي توفرها الرقمنة بشكل كبير من أجل تحسين السلامة الصحية للأغذية وضمان الحق في المعلومة حول المنتجات التي تمثل خطرا صحيا بالنسبة للمستهلك طبقا للقانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وتفعيل الصندوق الوطني لحماية المستهلك، المنصوص عليه في القانون رقم 31.08.
ودعا المجلس، إلى تبسيط المساطر المتعلقة بتخويل صفة المنفعة العامة للجمعيات العاملة في مجال حماية المستهلك، وذلك لتسريع وتيرة تكتلها في إطار جامعة وطنية لحماية المستهلك، وتبسيط شروط الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي، الواردة في المرسوم رقم 895.18 المطبقة على جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة.
وخلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى التأكيد على ضرورة إشراك جمعيات حماية المستهلك في الوساطة بين المستهلك ومقدمي الخدمات أو السلع، وتحويل المستهلك إلى “مستهلك فاعل” لجعله مستهلكا متطلبا وفاعلا في التغيير.